مايكل
كنا مجموعة طلبة كويتيين ندرس في ولاية ميتشغان الأمريكية وذلك في السبعينات ، كان اجتماعنا بعد الصلاة في المسجد نقرأ في هذا الوقت القصير آية وتفسيرها أو حديثاً أو مسألة فقهية نتنور بها وتعيننا على الثبات في ديننا في بلاد الغربة ، وكان من بيننا شاب أمريكي من جماعة " الهيبز " بلباسه الرّث ورائحته التي لا تطاق وشكله الذي غيره بالخواتم والوشم وشعر رأسه ولحيته الكثة غير المرتبة ولا النظيفة ، كل هذا يدعو إلى الحسرة على حاله ، وكنا ندعو الله له أن يهديه ، كان يسمع كل ما نقول وفي أيام قليلة قال لنا : أريد أن أكون مثلكم ، أريد أن أكون مسلماً .
فرحنا بذلك وعلمناه كيف يكون مسلماً وسارت حاله من الأحسن إلى الأحسن ، فنصحناه أن يرتب هندامه وشعره وأن يستحم باستمرار لأن الإسلام دين الفطرة والنظافة ، وكان يأخذ منا كل ما نقول من نصائح وتوجيه سليم .
وفي أحد الأيام جاءت سيارة فارهة طويلة إلى المسجد نزل منها الحرس وإذ برجل كبير عليه مظاهر الثراء والنعمة وبيده السيجار ، فقال : أنتم أصدقاء مايكل الجدد ؟ قلنا : نعم . قال : أنتم لستم جماعة سرية أو .. أو .. ؟ قلنا : لا ، نحن كل أمورنا في العلن ولا ننتمي إلا إلى هذا الدين الإسلامي العظيم ، ثم أخرج دفتر شيكات من جيبه فقال : تريدون مالاً ؟ مليوناً ، اثنين ، ثلاثة ؟
قلنا : مشكور ولا نحتاج إلى ذلك المال !
قلنا : من أنت ؟ قال : أنا والد مايكل ، فشكرنا وركب سيارته ثم غادر المكان.
ثم حكينا كل ما حدث مع ولده ، فقال : والدي من ملوك البترول في أمريكا. فقلنا : هل تواصله؟ قال : لا ، إلا بالسنة مرة واحدة أو لا هو ووالدتي. فقلنا : هذا غير صحيح ، فالإسلام يحث على طاعة الوالدين والرحمة بهما ولو كانا مشركين أوغير مسلمين.
ومنذ ذلك اليوم ومايكل لم يفرط في رعايتهما والحنو عليهما حتى جاءتنا في يوم من الأيام والدته وعرضت علينا ما عرض والده من قبل من أموال ، فقالت: أنتم غيرتم حياة ابننا ، بل غيرتم حالنا أنا ووالده ، ومايكل اليوم من أفضل أبنائنا.
يقول محدثي وهو من تلك الجماعة التي غيرت حياة مايكل : ثم استمر مايكل في الدعوة حتى أنشأ مركزاً للدعوة الإسلامية كبيراً في شمال كندا ، وعند انتهاء دراستنا هناك أي بعد ثلاث سنين أو أربع سمعنا أن عدد الداخلين في الإسلام عن طريق مركزه زاد على خمسين ألف إنسان.
غير مايكل اسمه بعد ذلك إلى عبدالرحمن وأخباره بعد التتبع من الأفضل إلى الأفضل من نصر الدين وهداية الناس إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين.
بقلم/ محمد بن إبراهيم الشيباني
صحيفة النخبة