شرح أذكار الصباح والمساء وفضلها
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الإخلاص
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)
سورة الفلق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)
سورة الناس
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6)
فضل هذه السور : من قالها ثلاث مرات حين يصبح وحين يمسي كفته من كل شيء 0 تيسير الكريم الرحمن لابن السعدي 1 / 313 0
وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يتعوذ من اعين الجان وعين الإنسان ، فلما نزلت الموعوذتين أخذ بهما وتك ما سواهما 0 رواه الترمذي 0
قال الشوكاني : وفي الحديث دليل على أن تلاوة هذه السور عند المساء وعند الصباح تكفي التالي من كل شيء يخشى منه كائناً من كان0 تحفة الذاكرين ص 78 0
سبب تسمية هذه السور بالمعوذات : من باب التغليب ، كما يقال الأسودان : التمر والماء ، والقمران : الشمس والقمر 0
سبب تسمية سورة ( الإخلاص ) بهذا الإسم : قال ابن الأثير : سميت بذلك لأنها خالصه في صفة الله تعالى وتقدس أو أن قارئها قد أخلص التوحيد لله عز وجل ، وقد نزلت عندما قال المشركون للرسول صلى الله عليه وسلم : صف لنا ربك ؟ فأنزل الله ( قل هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفواً أحد ) 0
قل : الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأمته أيضاً 0
قل هو الله أحد : أي واحد في ربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته0
الله الصمد : المقصود في جميع الحوائج ، الكامل في صفاته ، فأهل العالم العلوي والسفلي مفتقرون إليه غاية الإفتقار يسألونه حوائجهم ، ويرغبون إليه في مهماتهم 0
لم يلد ولم يولد : لكمال غناه سبحانه وتعالى0
ولم يكن له كفواً أحد : ليس له مثيل لا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله 0تيسير العزيز المنان لابن سعدي 6 / 686 ، تفسير جزء عم لابن عثيمين ص 353 0
{ قل أعوذبرب الفلق } { قل أعوذ برب الناس } :
فضلها : قال صلى الله عليه وسلم ( ما تعوذ متعوذ بمثلهما )0 رواه أبو داود0
قال ابن القيم رحمه الله : حاجة العبد إلى الإستعاذه بهاتين السورتين أعظم من حاجته إلى النفس والطعام والشراب واللباس 0 بدائع الفوائد 2 / 199 0
قال الشيخ محمد بن عبد الوهاب :
سورة الفلق : إستعاذه بالله من الشرور الخارجيه ، مثل كيد الجن والإنس والحيوانات المؤذيه 0
وسورة الناس : إستعاذه بالله من الشرور الداخليه ، كالوسواس والأمراض 0
{ قل أعوذ برب الفلق } :
أعوذ : أصل كلمة عوذ : قيل : إنها مأخوذه من لزوم المجاوره ، فالعرب تقول للحم إذا لصق بالعظم فلم يتخلص منه ( عوذ ) لأنه أعتصم به وأستمسك به 0 التفسير القيم لابن القيم ص 538 0
فالإستعاذه : هي الإلتجاء والإعتصام بالله من الشرور ، والإستعاذه تعظيم لله عز وجل ، لأن المستعيذ يشعر بالخوف فيلجأ إلى المستعاذ به حتى يقيه ويحفظه ، وهذا هو التعظيم بعينه ، والتعظيم عباده 0 فوائد على كتاب التوحيد لابن جبرين ص 42 0
والحياه مليئه بالأفات والمكاره ، ولكل مخلوق أعداء من الجن والإنس ، ولا غنى لأي مخلوق من الإحتماء بجناب الله 0
الفلق : الصبح ، سمي ( فلق ) لأنه ينفلق عنه الظلام ، رب الفلق : هو الله سبحانه { فالق الإصباح وجعل الليل سكناً } 0 الأنعام ( 96 ) 0
قال العلماء : كأن فيه إشاره إلى أن الذي يجلو الظلمات ويكشفها هو القادر على كشف ظلمات المرض والكرب 0
قل أعوذ برب الفلق : أي إلتجأ واعتصم برب الصباح 0
من شر ما خلق : الإستعاذه من كل شر : إنسياً أو جنياً أو دابةً أو ريحاً أو صاعقةً أو ناراً أو هواءً ، ومن كل شر في الدنيا والأخره ، وليس المراد الإستعاذه من شر كل ما خلقه الله ، فإن الجنه وما فيها ليس فيها شر ، وكذلك الملائكه والأنبياء فإنهم خير محض ، والخير كله حصل على أيديهم 0
من شر غاسق إذا وقب : الغاسق هو ظلام الليل ، أو القمر إذا ظهر ، وكلا المعنيين صحيحان ، أي : يستعاذ من شر ما يكون في ظلام الليل الذي تنتشر فيه كثير من الأرواح الشريره والحيوانات المؤذيه 0
قال ابن القيم رحمه الله : الليل هو محل الظلام وفيه تتسلط شياطين الإنس والجن ما لا تتسلط بالنهار ، فإن النهار نور ، والشياطين إنما سلطانهم في الظلمات والمواضع المظلمه وعلى أهل الظلمه ، ولهذا كان سلطان السحر وعظم تأثيره إنما هو بالليل دون النهار ، فالسحر الليلي عندهم هو السحر القوي التأثير ، ولهذا كانت القلوب المظلمه هي محال الشياطين وبيوتهم ومأواهم ، والشياطين تجول فيها وتتحكم كما يتحكم ساكن البيت فيه ، وكلما كان القلب أظلم كان للشيطان أطوع 0
ومن هنا تعلم السر في الإستعاذه برب الفلق في هذا الموضع ، فإن الفلق : هو الصبح الذي هو مبدأ ظهور النور ، وهو الذي يطرد جيش الظلام وعسكر المفسدين في الليل ، فيأوي كل خبيث ومفسد وكل لص وكل قاطع طريق إلى سرب أو كن أو غار ، وتأوي الهوام إلى جحورها ، والشياطين التي أنتشرت بالليل إلى أمكنتها ومحالها ، فأمر الله عباده أن يستعيذوا برب النور الذي يقهر الظلمه ويزيلها ، ولهذا ذكر الله في كل كتاب أنه يخرج عباده من الظلمات إلى النور ، ويدع الكفار في ظلمات كفرهم قال تعالى : { الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور } 0 البقره 257 0
فالإيمان كله نور ، ومآله إلى نور ، ومستقره في القلب المضيء المستنير ، والمقترن بأهل الأرواح المستنيره المضيئه المشرقه ، والكفر والشرك كله ظلمه ، ومآله إلى الظلمات ومستقره في القلوب المظلمه ، والمقترن بأهله الأرواح المظلمه 0 تفسير القيم لابن القيم ص 560 0
ومن شر النفاثات في العقد : أي ومن شر السواحر ، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد التي يعقدنها على السحر0 تيسير الكريم الرحمن لابن سعدي ص 937 0
ومن شر حاسدٍ إذا حسد : الحاسد هو الذي يتمنى زوال النعمه عن الغير ، وهو أعظم الخصال المذمومه لأن فيه إعتراضاً على الله ، وفيه إساءةٍ إلى الخلق 0
قال ابن القيم : وتأمل تقييده شر الحاسد بقوله { إذا حسد } لأن الرجل قد يكون عنده حسد ولكن يخفيه ، ولا يترتب عليه أذى بوجه ما ، لا بقلبه ولا بلسانه ولا بيده ، بل يجد في قلبه شيئاً من ذلك ، ولا يعامل أخاه ، إلا بما يحب الله ، فهذا لا يكاد يخلو منه أحد إلا من عصمه الله 0 تفسير القيم ص 583 0
ويدخل فيه العائن الذي يصيب بنظرته ، لأن الإصابه نوع من الحسد ، فنستعيذ بالله من هذه الشرور 0
{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) }:
قل أعوذ : هذه السوره مشتمله على الإستعاذه 0
برب الناس : ذكر سبحانه ربوبيته للناس المتضمنه لتدبيرهم وتربيتهم وإصلاحهم ، وجلب مصالحهم وما يحتاجون إليه 0
ملك الناس : إضافة الملك : فهو ملكهم المتصرف فيهم وهم عبيده ومماليكه الذي إليه مفزعهم عند الشدائد 0
إله الناس : إضافة الألوهيه ، فهو إلههم الحق ليس لهم معبود سواه 0
وهذه الأيات الثلاث يمكن أن يقال : إنها أستوعبت أقسام التوحيد { برب الناس } توحيد الربوبيه { ملك الناس } توحيد الأسماء والصفات ، لأن الملك لا يستحق أن يكون ملكاً إلا بتمام أسمائه وصفاته ، { إله الناس } توحيد الألوهيه 0 شرح رياض الصالحين لابن عثيمين 5 / 548 0
{ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) } :
من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها ، الذي من فتنته وشره أنه يوسوس في صدور الناس ، فيحسن لهم الشر ، ويريهم إياه في صوره حسنه ، وينشط إرادتهم لفعله ، ويقبح لهم الخير ، ويثبطهم عنه ، وهو دائماً بهذه الحال يوسوس ويخنس أي : يتأخر إذا ذكر العبد ربه وأستعان به على دفعه 0
{ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6) } : والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس 0 تيسير الكريم الرحمن لابن سعدي ص 93 0
والرب سبحانه متصف بالقوه والعزه ، من أعتصم به لم يصله أذى أحد ، وتخلف عنه الضرر ولو مع وجود أسبابه 0